هذه القصة جزء من جلسة نقاشية تفاعلية، اسألني ما تشاء (AMA) نستضيف فيها الدكتور عادل بن يحي
@عادل بن يحي ، مطوّر مشروعَي OpenMushaf وOpenTarteel.
في هذا اللقاء المفتوح داخل مجتمع إتقان، يشاركنا عادل رحلته في بناء تطبيقات قرآنية مفتوحة المصدر، ويجيب عن أسئلتكم حول تجربة التطوير، التراخيص، والبيانات القرآنية.
البداية التي تشبه الاكتشاف
عادل بن يحيى صيدلي مهنةً ومطوّر شغفًا. بدأ رحلته مع دلفي وباسكال حيث صقلت الخوارزميات طريقته في التفكير، ثم انتقل إلى الويب مع HTML وCSS وJavaScript.
مع بدايات الإنترنت في الجزائر، لمس فجوة واضحة: أغلب التطبيقات تركز على رواية حفص، بينما جمهور المغرب العربي يعيش مع رواية ورش يوميًا. من هنا كانت البداية
لماذا المصحف، ولماذا ورش؟
الدافع الأول كان الحاجة، ثم جاءت الجودة. كثير من التطبيقات كانت صورها ضعيفة أو تجربة استخدامها متواضعة. عادل أراد مصحفًا يقرأه الناس كما لو أنه ورقي، يعمل بلا إنترنت، ويضم تفاسير موثوقة.
ومع الوقت أضاف رواية حفص، وبقي الأصل: وضع المستخدم في قلب التجربة.
من الويب إلى الهاتف، ومن فكرة إلى منتج
بدأ التطبيق على Next.js مع "خرائط" دقيقة للآيات داخل صفحات المصحف، ثم اصطدم بحدود المنصات المحمولة، فانتقل إلى React Native عبر Expo.
أعاد التفكير في كل شيء: تحميل كسول للصفحات، الاحتفاظ بعدة صفحات حول موضع القراءة لتسريع التنقل، تصغير أبعاد الصور، والضغط الذكي.
النتيجة تجربة أخف بكثير، وحجم إجمالي يقارب 160 إلى 170 ميجابايت لمصحف كامل يعمل دون اتصال.
البيانات، التراخيص، والمصادر المفتوحة
لم تكن الصعوبة في الكود وحده، بل في البيانات الموثوقة والتراخيص التي تحكمها.
يحكي عادل أنه أثناء بحثه عثر على مصحف كامل برواية ورش في أرشيف الإنترنت، فعمل عليه شهرين متواصلين، لكنه وبدافع أمانته العلمية قرر مراسلة الجهة المالكة لطلب الإذن بنشره ضمن تطبيقه. وبعد أسابيع من الانتظار جاءه الرد الصريح: «لا يُسمح لك بالنشر.»
لم يتوقف عند الرفض، بل اعتبره نقطة تحوّل. واصل بحثه حتى وجد في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف صورًا عالية الجودة لطبعة المدينة المنورة، فاعتمدها بعد مراجعات وتعديلات دقيقة، وربط كل آية بتفسيرها عند النقر عليها ليقدّم تجربة رقمية تحاكي روحانية التلاوة من المصحف الورقي.
ومن هنا تشكّل لديه إيمان راسخ بأن المشروعات القرآنية يجب أن تكون مفتوحة المصدر؛ كي تتيح لكل من يرغب المساهمة أو التطوير أو البناء عليها أن يجد طريقه بسهولة، فيتحول الجهد الفردي إلى عمل جماعي يخدم القرآن الكريم في صورته الرقمية الحديثة.
ما بين OpenMushaf وOpenTarteel
بعد أن أنجز عادل تطبيق OpenMushaf ليتيح تلاوة القرآن وتصفحه دون اتصال بالإنترنت، أدرك أن جانب الاستماع للتلاوة يحتاج مشروعًا مستقلًا بتقنيات مختلفة.
ومن هنا وُلد OpenTarteel، مشروعه الثاني مفتوح المصدر، الموجَّه لتشغيل التلاوات القرآنية عبر الإنترنت بالاعتماد على واجهات MP3Quran API.
واجه خلال تطويره تحديات في توثيق الواجهات وتوحيد طريقة عرض البيانات الصوتية، ما قاده إلى إعادة بناء الطبقات البرمجية بشكل أكثر انتظامًا.
ومن تلك التجربة خرج بدرس مهمّ: أن توحيد المعايير وبناء بنية بيانات متناسقة هو ما يجعل أي مشروع قرآني قابلًا للنمو والتكامل مستقبلاً، قبل التفكير في إضافة مزايا جديدة.
لامركزية البيانات، ومحاولات جريئة
جرّب عادل أفكار اللامركزية عبر IPFS وWebTorrent لتقليل التكلفة وإشراك المجتمع في توزيع الملفات. تجارب مفيدة، وبعضها لم يكتمل بسبب قيود تقنية عملية، لكنها تكشف عقلية تبحث عن حلول تتجاوز الخوادم التقليدية.
ماذا تعلّمنا؟
المشكلة أولًا، ثم الحل الأنسب بيئيًا وللجمهور المستهدف.
البيانات الموثوقة أساس، والكود الجيد لا يُصلح مصدرًا مضطربًا.
المصدر المفتوح طريق الاستدامة، لأنه يصنع فريقًا ممتدًا عبر المجتمع.
الأداء تجربة إيمانية أيضًا، فالتحميل الكسول وتقليل الحجم يخدمان قارئًا يبحث عن السلاسة لا التعقيد.
كيف نساهم معه؟
عادل يرى أن 70٪ من الجهد في التطبيقات القرآنية يذهب لتجهيز البيانات والمعايير. لذا يدعو إلى:
توحيد المعطيات بصيغ متعددة تلائم مختلف الأطر، JSON وSQLite وXML، مع نفس البنية المنطقية.
فصل النسخ والقراءات في قواعد بيانات مستقلة، مع توحيد الواجهة التي تستهلكها التطبيقات.
بناء طبقة تراخيص واضحة كي لا تتعطل المشاريع في منتصف الطريق.
اختبارات أداء وتجربة استخدام تستهدف الأجهزة المتوسطة والضعيفة قبل القوية.
شارك معنا في هذه الجلسة النقاشية التفاعلية (AMA) مع عادل بن يحيى هنا في هذا الموضوع داخل مجتمع إتقان. اطرح سؤالك، أو قدّم فكرتك وملاحظاتك على المشروع.
نرحب بكل من يرغب بالمساهمة في مشاريعنا مفتوحة المصدر لتقنيات القرآن الكريم.