لماذا تفتقر التطبيقات القرآنية لأسلوب التلعيب؟

علا صالح

قبل فترة رشحت لصديقتي تطبيق ريان وبيان وهو من التطبيقات القرآنية المميزة لفئة الأطفال فقد تفاعل أولادي معه بشكل إيجابي وكنت قد عرضت تجربتي معه في موضوع سابق، لذا توقعت أن تتحمس صديقتي كذلك لتجربته مع طفلتها، لكني تفاجأت أنها رفضته مباشرة لأنها شعرت أنه يشبه لعبة.

وجهة نظر صديقتي في التطبيق دفعتني للتفكير السبب الذي يجعل معظم التطبيقات القرآنية تتجنب أسلوب التلعيب Gamification، رغم أن أطفال اليوم لا يتفاعلون إلا معه تقريبًا.

أود أن أناقش معكم هذا الأمر، وأستعرض أهم الأسباب التي تجعل التطبيقات القرآنية مفتقرة لأساليب التلعيب الحديثة؟

1. المنظور الديني والثقافي

قد يكون لدى كثير من المستخدمين حساسية تجاه أي عنصر قد يجعل القرآن في هيئة لعبة بدافع الاحترام والقدسية. وهذه الحساسية تدفع المطورين إلى تجنب وضع عناصر التلعيب في التطبيقات القرآنية مثل:

المكافآت الرمزية
الخرائط والمهام
التحديات
الصور والعناصر البصرية
المؤثرات البصرية

والنتيجة: تجارب جادة وغير جذابة خصوصًا لفئة لأطفال.

هنا يظهر السؤال المهم: هل التلعيب بالعموم هو من يسيء لقدسية لتطبيقات القرآنية أم أن المشكلة في كيفية التلعيب وليس في مبدأه بالعموم؟

2. المنظور التقني

معظم التطبيقات القرآنية تبنى بجهود فردية أو فرق صغيرة، تركيزها الأساسي على:

صحة المحتوى
جودة التسجيلات
خط مناسب للمصحف
بحث دقيق

بينما تهمل عناصر أساسية في تجربة المستخدم مثل:

تتبع التقدم
التذكير الذكي
التحفيز
التفاعل المرئي
ملاحظات الأداء
سهولة الاستخدام

لهذا السبب تبدو كثير من التطبيقات القرآنية تقليدية ومتشابهة.

3. المنظور الاقتصادي:

فالتلعيب ليس إضافة بسيطة، بل منهجية تتطلب عدة أمور مثل:

تحليل سلوك المستخدم
بناء نماذج تفاعل
تصميم رسومي
تطوير قواعد منح نقاط ومستويات ومهام

ومع غياب نموذج ربحي واضح، يفضل كثير من المطورين تقديم الحد الأدنى: مصحف للتلاوة مع ميزة البحث بدون الاكتراث لخصائص أخرى تربط المستخدم بالتطبيق وتحفزه على استخدامه.

برأيكم كيف يمكن للتطبيقات أن تنجح في تطبيق التعليب وتحقق التوازن بين قدسية النص القرآني وبين التفاعل المدروس والواجهة الجذابة بحيث يخدم يخدم القرآن الكريم بالشكل الصحيح ويوفر أداة تربوية فعالة للفئات العمرية الصغيرة تنافس التطبيقات الرقمية الأخرى.

وهل ترون أن التلعيب في التطبيقات القرآنية ضرورة أم مخاطرة؟ وهل لديكم تجارب مع تطبيقات قرآنية حققته بطريقة مثالية؟

بانتظار آرائكم وتجاربكم

Wael

علا صالح موضوع مهم شكرًا لطرحه، أعتقد أن الخطأ الشائع أن يفهم أن التلعيب يعني إدخال القرآن في قالب لعبة، بينما التلعيب الحقيقي هو ربط الإنجاز بالاستمرارية ويمكن تطبيق هذا وضبطه ضمن إطار تربوي وأخلاقي ملائم للنص القرآني وقدسيته.

قد تكون أو خطوة في الحل هي إنشاء دليل تصميم Gamification للتطبيقات الإسلامية عمومًا من قبل هيئة مختصة تحدد العناصر المسموح بها والعناصر الممنوعة وتضع معايير الصوتيات والمؤثرات وتوفر مكتبة أيقونات ورموز متوافقة ليعتمدها مبرمجو التطبيقات بدل الاجتهادات الفردية.

رقية بورية

مشكورة يا علا على مشاركتنا قصة التجربة.
أعتقد أن تعلم الطفل يختلف كليًا عن الشخص البالغ، خاصةً إن تعرض الطفل خلال تعلمه المبكر لتقنيات تعليمية محفزة تجذبه، وقد كتبت بعض الأمور التي بقيت بذاكرتي منذ الطفولة في موضوع ذي صلة بتجربة استخدام الأطفال: https://community.itqan.dev/d/59

عمومًا أرى أن الجيل الحالي مختلف عن سابقيه فهو يتعرض لنمط تعليمي مليء بالمحفزات منذ أول أيامه، نمط التلعيب. والحفاظ على انتباهه واهتمامه يتطلب مجاراة عالمه بما لا يضر بقدسية ديننا، بل بتوجيه التقنية والتصاميم لما يخدم القرآن أكثر.
وهنا يأتي دور كل من:

الآباء: تقييم ومراقبة تطبيقات تلعيب الأطفال دائمًا قبل اتخاذ قرار قبولها أو رفضها، فلا رفضها القطعي يخدم حاجة الطفل للتعلم والتدبر بأسلوبه المفضل، ولا قبولها المباشر مفيد له، بل قد يكون ضار له وللأمة الإسلامية كاملةً.
الجهات الشرعية: تأكيد حدود التطبيقات من هذا النوع لمنح إرشاد كافي للقائمين عليها.
المصممين: توفير مكتبة رموز ومؤثرات إسلامية للاستخدام + تحديد معايير تصميم تجربة الاستخدام الإسلامية بتقنيات التلعيب والحصول على موافقة شرعية بشأنها.
المطورين حسب المعطيات الحالية: يجب التعامل مع الأمر بحس مسؤولية عالي جدًا، لذا يجب الحفاظ على قدسية القرآن والتأكد من الآراء الشرعية حول ما يمكن فعله بهذه التطبيقات. فلا يصح استعمال الموسيقى في المؤثرات الصوتية، ولا إضافة رموز ملائكية أو غيرها مما لا يصح تجسيده.

علا صالح

Wael بالفعل وائل أعجبني اقتراحك بضرورة وجود دليل تصميم موحد لتطبيقات إسلامية تضعه هيئة مختصة تحدد من خلاله ما المعايير المقبولة من حيث الصوتيات، والتأثيرات البصرية، والحوافز، ونقاط المكافأة، وما إلى ذلك
هذا سياعد المبرمجين ويحول دون اجتهاد كل منهم على انفراد ويقلل من الوقوع في الخطأ دون قصد.

حسان الأنصاري

اتفق معك في هذا، النلعيب واشعار المستخدم بالتقدم وحثه على متابعة استخدام التطبيق القراني اما بالحفظ او التلاوة عنصر مهم وتفتقد له كثير من التطبيقات.
اظن فعلا كما اشار @Wael ان الجهات المتخصصة يجب ان توضع بعض المعايير, ولكن اظن كما جرت العادة فدور الجهات ياتي عادة كرد فعل، فاظن انها مساحة رائعة لكثير من المطورين.

علا صالح

حسان الأنصاري بالفعل هذه فرصة سانحة على المطورين أن يستثمروها لصالح التطبيقات القرآنية، فالتلعيب إذا صمم بشكل مدروس ومنضبط سيكون أداة تعليمية فعالة.

اطلعت مؤخرًا على دراسة بعنوانThe Effectiveness of Gamification-Based Islamic Religious Education Learning Models on Digital Al-Qur'an Literacy طبق فيها الباحثون نموذجًا رقميًا لتعليم القرآن باستخدام عناصر التلعيب (نقاط، شارات، نظام تقدم ...) وقارنوه مع تعليم تقليدي.

النتائج كانت لصالح المجموعة التي استخدمت التلعيب فقد رفع الدافعية وحفز المتعلمين على الاستمرار في التلاوة والتفاعل مع القرآن الكريم.

معاذ يوسف

شكرًا جزيلًا يا علا، أظن الفكرة مرتبطة بالأساس بالنظرة المجتمعية إلى التلعيب، فالمفهوم يشعر الناس بأن الفكرة أقرب دائمًا إلى اللعب، ولذلك عندما يكون الموضوع مقدس أو مرتبط بجانب ديني، سيحجم الناس عن اتّباع الفكرة.

بالإضافة لنقطة أخرى وهي أن التلعيب أيضًا يحوّل الأمر من مجرد سياق تستخدم فيه نفس مبادئ اللعب، إلى التركيز أكثر على مسألة التنافس، وهذا شيء أراه في عالم التدريب، إذ تجد المتدربين بدلًا من التركيز على التعلم نفسه، يصبح تركيزهم أكثر على رغبة الفوز، وهذه في رأيي مرتبطة أيضًا بسياق مجتمعي نراه منذ كنا صغار، حيث يكون التركيز أكثر على الفوز من التعلم.

أظن أن الحل يتمثل في نقطة قريبة مما طرحه الأخ وائل، وهي وجود دليل أو معايير لكيفية توظيف التلعيب، حتى لو احتجنا هنا إلى تغيير المفهوم نفسه لكي نستغني عن الدلالة السلبية، ونركز فقط على الفائدة، ولاحقًا تكون هناك حملات ترويجية للمفهوم.

علا صالح

معاذ يوسف أتفق معك بأن جزءًا كبيرًا من التحفظ تجاه فكرة التلعيب يعود إلى النظرة المجتمعية السائدة التي تعد الترفيه واللعب نقيض التعلم والانضباط. وعندما يكون الحديث عن موضوع ديني مثل القرآن الكريم تصبح الحساسية أعلى.

لكن هنا يظهر دور المطور الواعي الذي يعرف كيف يوظف المفهوم بشكل صحيح لا سيما للفئات العمرية الصغيرة أو غير الناطقين بالعربية ليكون تقنية تربوية تحفز عملية التعلم دون إخلال بالضوابط.

ولحين وجود دليل أو معايير تضبط الأمر، يمكن الاستعانة بتجارب حالية نجحت في دمج عناصر تحفيزية واستشارة جهة موثوقة في محاكاتها أو تعديل الأمور غير الملائمة فيها.

دينا أحمد

الموضوع فعلا مهم يا علا خصوصا للاطفال الذين يفتقدون لوجود بيئة تنافسية للحفظ ممن هم خارج الدول العربية أو من يعتمدون على الحفظ الاون لاين بسبب الوقت او ظروف الدراسة او عمل الآباء، وقد استمعت لاكثر من وجهة نظر في ذلك:

البعض يرى أن هذا لا يتناسب مع قدسية القرآن
والبعض يرى أن التلعيب لا يتم باسلوب صحيح فيجعل الطفل همّه النقاط والجوائز وليس الحفظ ذاته
والبعض بالفعل يفتقد هذه المميزات لأنه يرى عدم استمرارية ابنائه بسبب نقص التحفيز
وبشكل شخصي أرى أن عدم إشراك المتخصصين تربويًا في هذا هو خطأ فادح لان المطور لا يمكن أن يتقن كل شيء فمثلا لا يعرف ما الأسلوب المناسب والألوان والرسومات المناسبة لعمر معين وما المناسب للصبيان وما المناسب للفتايات
كذلك ذاكرة الطفل حسب عمره ما المناسب لعرضه خلال الدقيقة ورتم وسرعة العرض بل حتى عدد الشخصيات وعدد الألوان التي يمكن ان تقدم لطفل في نفس السياق فالاطفال في سن قبل السادسة يوصى الا تزيد عدد الشخصيات او الرسومات التي يتعاملون معها في نفس السياق لاكثر من 3 شخصيات

يمكن الحل كما طرحه اخونا وائل في وجود هيئة أو مؤسسة تضع دليلًا لهذا، وهنا تبرز أهمية التخصص الذي يعد جديدًا نسبيًا على الوطن العربي وهو تخصص ال E-learning

ثبت مجتمعنا كتطبيق لتجربة افضل

انضم إلى نشرة إتقان 📩

انضم إلى نشرة إتقان 📩

شكراً لك!